كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



87 ثم قال جل وعز: {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} قيل معنى الفتنة هاهنا الاختبار وقيل معناها العذاب.
88 ثم قال جل وعز: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي} أي فضيحة وذل حين أحضرت التوراة فتبين كذبهم وقيل خزيهم في الدنيا أخذ الجزية والذل.
89 ثم قال جل وعز: {سماعون للكذب أكالون للسحت} روى زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال السحت الرشوة وقال مسروق سألت عبد الله عن الجور في الحكم قال ذلك الكفر قلت فما السحت قال أن يقضي الرجل لاخيه حاجة فيهدي إليه هدية فيقبلها والسحت في كلام العرب على ضروب يجمعها أنه ما يسحت دين الانسان يقال سحته وأسحته إذا استأصله ومنه وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال الا مسحتا أو مجلف.
90 وقوله جل وعز: {فان جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} في هذا قولان أحدهما روي عن ابن عباس أنه قال هي منسوخة نسخها {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} وكذا قال مجاهد وعكرمة قال الشعبي ان شاء حكم وان شاء لم يحكم وكذلك قال ابراهيم وقال الحسن ليس في المائدة شيء منسوخ والاختيار عند أهل النظر القول الاول لأنه قول ابن عباس ولا يخلو قوله عز وجل: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} من أن يكون ناسخا لهذه الآية أو يكون معناه وأن احكم بينهم بما أنزل الله ان حكمت فقد صار مصيبا أن حكم بينهم باجماع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقويه.
روي عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب {أن يهوديا مر به على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حمم وجهه فسأل عن شأنه فقيل زنى وهو محصن} وذكر الحديث وقال في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم {أنا أول من أحيا ما أماتوا من أمر الله فأمر به فرجم} ويبين لك أن القول هذا قوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}.
91 وقوله جل وعز: {فاحكم بينهم بالقسط} أي بالعدل.
92 وقوله جل وعز: {انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور} أي فيها بيان أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما جاءوا يستفتون فيه.
93 ثم قال جل وعز: {يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا} يجوز أن يكون المعنى فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون ويجوز أن يكون المعنى يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا وعليهم ثم حذف وقد قيل ان لهم بمعنى عليهم وتأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم في أمر بريرة حين قال «اشترطي لهم الولاء» أن معناه عليهم لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمرها بشيء لا يجب وقال الله جل ذكره {وان أسألتم فلها} و{الذين أسلموا} هاهنا نعت فيه معنى المدح مثل بسم الله الرحمن الرحيم.
94 ثم قال جل وعز: {والربانيون والاحبار} قال أبو رزين الربانيون العلماء الحكماء والرباني عند أهل اللغة معناه رب العلم أي صاحب العلم وجئ بالالف والنون للمبالغة ويقوي هذا أنه يروى أن ابن الحنفية رحمة الله عليه قال لما مات ابن عباس مات رباني العلم.
وقال مجاهد الربانيون فوق الاحبار والاحبار العلماء لانهم يحبرون لشئ وهو في صدورهم محبر.
وقال ابن عباس سمي الحبر الذي يكتب به حبرا لأنه يحبر به أي يحقق به وقال الثوري سألت الفراء لم سمي الحبر حبرا فقال يقال للعالم حبر وحبر والمعنى مداد حبر ثم حذف كما قال تعالى: {واسأل القرية} فسألت الاصمعي فقال ليس هذا بشيء انما سمي حبرا لتأثيره يقال على أسنانه حبرة أي صفرة أو سواد.
95 ثم قال جل وعز: {بما استحفظوا من كتاب الله} أي استودعوا.
96 وقوله جل وعز: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال ابن عباس هو به كافر لا كفرا بالله وملائكته وكتبه وقال الشعبي الاولى في المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى وقال غيره من رد حكما من أحكام الله فقد كفر قلت وقد أجمعت الفقهاء على أنه من قال لا يجب الرجم على من زنى وهو محصن أنه كافر لأنه رد حكما من أحكام الله جل وعز ويروى أن حذيفة سئل عن هذه الآيات أهي في بني اسرائيل فقال نعم هي فيهم ولتسلكن سبيلهم حذو النعل بالنعل.
وقال الحسن أخذ الله جل وعز على الحكام ثلاثة أشياء أن لا يتبعوا الهوى وأن لا يخشوا الناس ويخشوه وأن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا وأحسن ما قيل في هذا ما رواه الاعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء قال هي في الكفار كلها يعني {فأولئك هم الكافرون} {فأولئك هم الظالمون} {فأولئك هم الفاسقون} والتقدير على هذا القول والذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
97 وقوله جل وعز: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال ابن عباس فهو كفارة للجارح وكذلك قال عكرمة والمعنى فمن تصدق بحقه وقال عبد الله بن عمرو فهو كفارة للمجروح أي يكفر عنه من ذنوبه مثل ذلك وكذلك قال ابن مسعود وجابر بن زيد رحمهما الله.
98 وقوله جل وعز: {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس أي مؤتمنا عليه وقال سعيد بن جبير القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب.
وقال قتادة: أي شاهد.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد الاصل مؤيمن عليه أي أمين فأبدل من الهمزة هاء كما يقال هرمت الماء وأرمت الماء وقال أبو عبيد يقال هيمن على الشيء يهيمن إذا كان له حافظا وهذه الاقوال كلها متقاربه المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد وقرأ مجاهد وابن محيص {ومهيمنا عليه} بفتح الميم وقال مجاهد أي محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمن على القرآن.
99 وقوله جل وعز: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} قال ابن عباس سبيلا وسنة.
وقال قتادة الدين كله واحد والشرائع مختلفة وشرعة وشريعة عند أهل اللغة بمعنى واحد وهو ما بان ووضح ومنه طريق للشارع أي ظاهر بين ومنه (هما في الامر شرع) أي ظهورهما فيه واحد والمنهاج في اللغة الطريق البين وقال أبو العباس محمد بن يزيد الشريعة ابتداء الطريق والمنهاج الطريق المستمر.
100 وقوله جل وعز: {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} قال ابن عباس على دين واحد.
101 ثم قال جل وعز: {ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} أي ليختبركم.
102 وقوله جل وعز: {أفحكم الجاهية يبغون} روي عن الحسن وقتادة والاعرج والاعمش أنهم قرءوا {أفحكم الجاهلية يبغون} الحكم والحاكم في اللغة واحد وكأنهم يريدون الكاهن وما أشبهه من حكام الجاهلية وصذا في قراءة من قرأ {أفحكم} ومعنى يبغون يطلبون وقال مجاهد يراد بهذا اليهود يعني في أمر الزانيين حين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتوهمون أنه يحكم عليهما بخلاف الرجم.
103 ثم قال جل وعز: {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} أي من أيقن تبين أن حكم الله جل وعز هو الحق.
104 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} هذا في المنافقين لانهم كانوا يمالئون المشركين ويخبرونهم بأسرار المؤمنين.
105 وقوله جل وعز: {فترى الذين في قلوبهم مرض} أي نفاق {يسارعون فيهم} المعنى يسارعون في معاونتهم ثم حذف كما قال جل وعز: {واسأل القرية}.
106 ثم قال جل وعز: {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} في معناه قولان:
أحدهما روي عن ابن عباس قال يقولون نخشى أن لا يدوم الامر لمحمد والقول الآخر نخشى أن يصيبنا قحط فلا يفضلوا علينا والقول الاول أشبه بالمعنى كأنه من دارت تدور أي نخشى أن يدور أمر ويدل عليه قوله جل وعز: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده} لأن الفتح النصر قال ابن عباس فأتى الله بالفتح فقتلت مقاتلة بني قريظة وسبيت ذراريهم وأجلي بنو النضير وقيل معنى {أو أمر من عنده} أي بأمر النبي صلى الله عليه السلام أن يخبر بأسماء المنافقين {فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
107 ثم قال جل وعز: {ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم} أي أهؤلاء الذين اجتهدوا في الأيمان أنهم لا يوالون المشركين ثم قال تعالى: {حبطت أعمالهم} وهذا مثل قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}.
108 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} في معنى هذا قولان قال الحسن هو والله أبو بكر رضي الله عنه وأصحابه.
حدثنا أبو جعفر قال نا الحسن بن عمر بن أبي الاحوص الكوفي قال نا أحمد بن يونس السري يعني ابن يحيى قال قرأ الحسن هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} حتى قرأ الآية فقال الحسن فولاها الله والله أبا بكر وأصحابه وروى شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الاشعري قال لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} أوما النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الاشعري رحمه الله فقال هم قوم هذا.
109 ثم قال جل وعز: {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} قال أبو جعفر سمعت أبا اسحاق وسئل عن معنى هذا فقال ليس يريد أذلة من الهوان وانما يريد أن جانبهم لين للمؤمنين وخشن على الكافرين.
110 ثم قال جل وعز: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} أي ذلك اللين للمؤمنين والتشديد على الكافرين تفضل من الله جل وعز منحهم اياه.
111 وقوله تبارك اسمه {انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} قال أبو عبيد أخبرنا هشيم ويزيد عن عبد الملك بن سليمان عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله جل وعز: {انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} قال يعني المؤمنين فقلت له بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال علي من المؤمنين قال أبو عبيد وهذا يبين لك قول النبي صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه فالمولى والولي واحد والدليل على هذا قوله جل وعز: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}.
ثم قال في موضع آخر {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} فمعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ولاية الدين وهي أجل الولايات وقال غير أبي عبيد من كنت ناصره فعلي ناصره.
112 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء} وقرأ الكسائي {والكفار أولياء} والمعنى من الذين أوتوا الكتاب ومن الكفار قال الكسائي في حرف أبي رحمه الله ومن الكفار وروي عن ابن عباس رحمه الله أن قوما من اليهود والمشركين ضحكوا من المسلمين وقت سجودهم فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا} إلى آخر الآيات.
113 وقوله جل وعز: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله} وفي هذا قولان روي عن ابن عباس أنه قال قالت اليهود في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم أقل الناس حظا في الدنيا والآخرة فأنزل الله جل وعز {قل هل أنبئكم بشر من ذلك}.
والقول الآخر وهو المعروف الصحيح أن المعنى قل هل أنبئكم بشر من نقومكم فلا علينا ثوابا لأن قبله {هل تنقمون منا الا أن آمنا بالله} قال الكسائي يقال نقمت على الرجل أنقم نقوما منه ونقمة.
وقد حكي نقمت أنقم إذا كرهت الشيء أشد الكراهية.
114 ثم قال جل وعز: {من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير} قال مجاهد يعني اليهود مسخ منهم.
115 ثم قال جل وعز: {وعبد الطاغوت} وهذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والكسائي وقرأ أبو جعفر {وعبد} مثل ضرب ولا وجه لهذا وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ {وعبدوا الطاغوت} وروي عن أبي بن كعب وعن ابن مسعود من طريق آخر أنهما قرءا {وعبدت الطاغوت} وقرأ ابن عباس {وعبد الطاغوت} وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه يجوز {وعابد الطاغوت} وروي عن الاعمش ويحيى بن وثاب {وعبد الطاغوت} وقرأ أبو واقد الاعرابي {وعباد الطاغوت} وقرأ حمزة {وعبد الطاغوت}